Wednesday, December 12, 2007

أعظم نص في التسامح

جلست في مكتب الوالد الاسبوع الماضي لأبحث عن كتاب أقضي فيه وقت فراغي ووجدت كتاب اسمه اخبار الحلاج شدني العنوان لقراءة الكتاب وبدأت بقراءته ووجدت به نص من أعظم النصوص في التسامح وهو: جاء في مفتتح كتاب “أخبار الحلاج” الذي ينسبه بعضهم لابن الساعي:عن إبراهيم بن فاتك قال:لما أتي بالحسين بن منصور ليصلب رأى الخشبة والمسامير فضحك كثيرا حتىدمعت عيناه, ثم التفت إلى القوم فرأى الشبلي فيما بينهم فقال له: يا أبا بكر هل معك سجادتك؟فقال: بلى يا شيخ , قال: افرشها لي, ففرشها فصلى الحسين بن منصور عليها ركعتين وكنت قريبا منه فقرأ فيالأولى فاتحة الكتاب وقوله تعالى “لنبلونكم بشيء من الخوف والجوع” الآية، وقرأ في الثانية فاتحة الكتابوقوله تعالى “كل نفس ذائقة الموت” الآية، فلما سلم عنها ذكر أشياء لم أحفظها وكان مما حفظته:اللهم إنك المتجلي عن كل جهة، المتخلي من كل جهة, بحق قيامك بحقي، وبحق قيامي بحقك, وقيامي بحقكيخالف قيامك بحقي؛ فإن قيامي بحقك ناسوتية، وقيامك بحقي لاهوتية, وكما أن ناسوتيتي مستهلكة فيلاهوتيتك غير ممازجة إياها فلاهوتيتك مستولية على ناسوتيتي غير مماسة لها, وبحق قدمك على حدثي،وحق حدثي تحت ملابس قدمك، أن ترزقني شكر هذه النعمة التي أنعمت علي حيث غيبت أغياريعما كشفت لي من مطالع وجهك, وحرمت على غيري ما أبحت لي من النظر في مكنونات سرك،وهؤلاء عبادك قد اجتمعوا لقتلي تعصبا لدينك وتقربا إليك فاغفر لهم، فإنك لو كشفت لهم ما كشفتلي لما فعلوا ما فعلوا، ولو سترت عني ما سترت عنهم لما ابتليت, فلك الحمد فيما تفعل ولك الحمدفيما تريد، ثم سكت وناجى سرا, فتقدم أبو الحارث السياف فلطمه لطمة هشم أنفه وسال الدم علىشيبه, فصاح الشبلي, ومزق ثوبه, وغشي على أبي الحسين الواسطي وعلى جماعة من الفقراء المشهورين, وكادت الفتنة تهيج, ففعل أصحاب الحرس ما فعلوا. …ربما أعود ذات يوم إلى تناول ما يتضمنه هذا النص -على قصره- من أعماق وأبعاد ورموز ودلالات, أما الآن فأكتفي بدعوتكم إلى تأمل هذا النص ومحاولة استكناهه والتخلق به فما أحوج الحياة اليوم إلى هذا النوع من الحياة, ما أحوج البشر إلى أن يكونوا بشرا.